للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تناقضكم. وإن أثبتم حيالا كالأحياء المخلوقين، ومدبرا حكيما ليس كالإنسان فلم أنكرتم أن تكون اليدان اللتان أخبر الله تعالى عنهما يدين ليستا نعمتين ولا قدرتين ولا جارحتين ولا كالأيدى (١).

فإن قيل: إن الله تبارك وتعالى ذكر اليد بلفظ الإفراد في بعض الآيات وفى بعضها بلفظ التثنية، وبلفظ الجمع في البعض الآخر فلا دليل يخصص ما ذهبتم إليه من إثبات اليدين لله تعالى حقيقة دون إثبات أيد كثيرة أو يد واحدة.

قلنا: إن الله تبارك وتعالى لما ذكر اليد مثناة، أضاف الفعل إلى نفسه بضمير الإفراد، وعداه بالباء إليهما فقال: "خلقت بيدى" ولما ذكر اليد مجموعة. أضاف الفعل إليها، ولم يعد الفعل بالباء فقال: {عَمِلَتْ أَيْدِينَا} (٢) فلا يحتمل "خلقت بيدى" من المجاز ما يحتمله "عملت أيدينا" فإن كل واحد يفهم من قوله "عملت أيدينا" ما يفهمه من قوله عملنا وخلقنا، كما يفهم ذلك من قوله {كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} (٣)، وأما قوله "خلقت بيدى" فلو كان المراد منه مجرد الفعل لم يكن لذكر اليد بعد نسبة الفعل إلى الفاعل معنى فكيف وقد دخلت عليها الباء؟ فكيف إذا ثنيت (٤).

ويقال أيضا: قد أجمع على بطلان قول من أثبت لله أيديا، أو يدا


(١) انظر الإِبانة للأشعري (ص ٣٦، ٣٧)، فتح الباري لابن حجر ١٣: ٣٩٤).
(٢) سورة يس: آية (٧١).
(٣) سورة الشورى: آية (٣٠).
(٤) انظر مختصر الصواعق المرسلة (١: ٢٦)، التفسير القيم (ص ٤٢١، ٤٢٢).

<<  <   >  >>