للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاء. ولم يقل: "يزوى بعضها إلى بعض". وفى معنى الزوى الجمع والتضييق ولا يحتاج إلى هذا مع زيادة فيها غير الموجودين، لأن الله تبارك وتعالى قادر على ملئها من غير تضييق خاصة على هذا القول - خلق أناس لها - لكن مقتضى عدله يخالف هذا فلا يعذب أحدا بغير ذنب. وكما إلى هذه الإشارة في الحديث الثاني مما ذكرنا بقوله: "ولا يظلم الله من خلقه أحدا" ولسعة فضله وسابغ إنعامه سبحانه وتعالى لم يضيق الجنة ليفى لها بوعده، بل خلق لها خلقا. لم يعملوا وأسكنهم فضلها. وفى كل من تضييق النار على من فيها حتى تمتلىء. وخلقه تعالى للجنة خلقا يملؤها وفاء بوعده تعالى لما قال: "لكل واحدةٍ منكما ملؤها" كما في الحديث الأول السابق وقوله تعالى {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (١)

فإن قيل: كيف يصح لكم أن تثبتوا لله تعالى قدما حقيقية، ثم تقولون إنه يضعها في لنار إذا طلبت المزيد، والملء كما وعدها، ووضع القدم في النار مستحيل؟

قلنا: أما إثباتنا القدم لله تعالى، فليس ابتداعا من عند أنفسنا ولا نثبت لله تعالى شيئا لم يثبته لنفسه، أو يثبته له أعلم الخلق به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وقد أثبت القدم لربه كما في الأحاديث السابقة.

وليس في إثبات القدم، أو الرجل نقص في حقه سبحانه فصفاته تليق بجلاله وكماله، وليست على ما نعلم من صفات الخلق فليست بجارحة بل صفة له تليق بعظمته.

وقد عاب الله سبحانه على من يعبد الأصنام بقوله: "ألهم أرجل


(١) سورة هود: آية (١١٩)، السجدة: آية (١٣).

<<  <   >  >>