للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمشون بها" (١) فجعل عبادتهم لأصنام ليس لها أرجل محل ذم لهم. (٢)

أما وضعه تعالى قدمه في النار فهذا لا استحالة فيه بالنسبة لله تبارك وتعالى رب كل شىء ومليكه، وقياسكم ذلك على الخلق باستحالة وضع القدم منهم هو عين التشبيه الذي ادعيتم الفرار منه، فوقعتم في أعظمه. فقياسكم الله تعالى على خلقه هو الذي أوقعكم في تعطيله بعد تشبيهه فجمعتم بين محذورين تشبيه الله بخلقه وتعطيله بنفي صفاته اللائقة بجلاله وعظمته. (٣)

ثم إن دعوى استحالة وضع القدم في النار غير صحيحة حتى بالنسبة للمخلوق. فالله سبحانه وتعالى قد خلق للنار خزنة يدخلونها ملائكة غلاظ شداد يقول تبارك وتعالى: {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}. (٤) فيخرجون من النار من أمرهم الله بإخراجه وهم غير معذبين بها. يقول تعالى: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا}. (٥) فإذا كانت جهنم لا تضر الخزنة الذين يدخلونها ويقومون عليها فكيف تضر الذي سخرها لهم تعالى وتقدس (٦)


(١) سورة الأعراف: آية (١٩٥).
(٢) انظر كتاب التوحيد لابن خزيمة (ص ٩٠)، المعتمد في أصول الدين لأبي يعلي (ص ٥٤).
(٣) انظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (٣: ١٥١).
(٤) سورة التحريم: آية (٦).
(٥) سورة المدثر الآيتان (٣٠، ٣١).
(٦) انظر رد الدارمي على المريسي ص (٦٩).

<<  <   >  >>