للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعله في العرش، وهو انتهاء خلقه إليه، فليس بعد العرش شيء. ويبين ذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الجنات وقال: "فاسألوا الله الفردوس الأعلى فإنه وسط الجنة، وأعلى الجنة وفوق ذلك عرش الرحمن" (١)

فصح أنه ليس وراء العرش خلق، وأنه نهاية جرم المخلوقات الذي ليس خلفه خلاء ولا ملاء.

والاستواء في اللغة يقع على الانتهاء قال الله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} (٢) أي فلما انتهى إلى القوة والخير وقال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} (٣) أي أن خلقه وفعله انتهى إلى السماء بعد أن رتب الأرض على ما هي عليه (٤).

لما كان ابن حزم يلتزم الأخذ بالظاهر في مذهبه على زعمه نفى أن يقال إن الله تعالى مستو على عرشه، لأن هذه التسمية لم ترد.

وفسر استواء الله تعالى الوارد بالنص بالانتهاء لصحة ذلك في اللغة على ما ذكر.

ونرى عدم صحة هذا المذهب.

فنقول: إن الله تعالى مستو على عرشه بذاته حقيقة استواء يليق بجلاله وكمال عظمته، لا على معنى القعود والمماسة، ولا على أي


(١) صحيح البخاري (٢: ٩٢)، سنن الترمذي (٤: ٦٧٥).
(٢) سورة القصص آية (١٤).
(٣) سورة فصلت آية (١١).
(٤) انظر الفصل (٢: ١٢٥).

<<  <   >  >>