للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلنا: ما ذكرتم في هذا الاعتراض لا يرد إلا على من يقول إن نزول الله تعالى وقربه كنزول الخلق ومجيئهم وإنه مثلهم تعالى وتقدس عن مشابهة المحدثين. وأما من يقول: إن نزوله وقربه يناسب كماله وعظمته، ولا يشبه شيئا من أفعال خلقه، فلا يمتنع في حقه تعالى أن يقرب ممن دعاه دون من لم يدعه مع كونهم في مكان واحد، وأن ينزل عشية عرفة وينزل في الوقت نفسه الذي هو ثلث الليل الآخر في مكان آخر فلا يشغله شأن عن شأن. وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم مثل هذا لما سأله أبو رزين (١) فقال: أكلنا يرى الله عز وجل يوم القيامة وما آية ذلك في خلقه قال: "يا أبا رزين أليس كلكم يرى القمر مخليا به؟

قال: قلت بلى يا رسول الله قال: فالله أعظم" (٢).

وقال رجل لابن عباس رضي الله عنه: كيف يحاسب الله العباد في ساعة واحدة؟ قال: كما يرزقهم في ساعة واحدة. (٣)


(١) هو لقيط بن عامر بن صبرة بن عبد الله بن المنتفق بن عامر بن عقيل صحابي مشهور من أهل الطائف. وهو وافد بني المنتفق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عنه وكيع بن عدس وابنه عاصم بن لقيط وغيرهما. أنظر أسد الغابة في معرفة الصحابة (٤: ٢٦٦، ٢٦٧)، (٥: ١٩٢، ١٩٣)، التهذيب لابن حجر (٨: ٤٥٦، ٤٥٧).
(٢) مسند الإِمام أحمد (٤: ١١)، وانظر ص (١٢) من نفس الجزء. سُنن ابن ماجه (١: ٦٤)، وهذا الحديث رواه أحمد عن يزيد بن هانىء عن حماد بن سلمة، عن يعلي بن عطاء عن وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين. ورجال هذا الحديث أحتج بهم مسلم ما عدا وكيع وقد ذكره ابن حبان في الثقات.
وقال عنه يحيى بن القطان مجهول الحال. ومعنى الحديث ثابت بالحديث المتفق على صحته. انظر التهذيب (١١: ٣٦٦ - ٣٦٩)، (٣: ١١ - ١٦)، (١١: ٤٠٣, ٤٠٤, ١٣١).
(٣) انظر شرح حديث النزول لابن تيمية ص (١١٤).

<<  <   >  >>