للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأبصار خلقه وشيئا من صفاتهم فنزوله تبارك وتعالى ومجيئه وإتيانه لا يشبه نزول الخلق وإتيانهم ومجيئهم فهو نزول ومجىء وإتيان ليس كمثله نزول ومجىء وإيتان.

فنفي حقيقة هذا والقول بأنه يلزم ذلك ما يلزم الخلق عند نزولهم ومجيئهم وإتيانهم خطأ بين وتحكم لا معنى له.

ولا يرد محذور ولا يلزم لوازم تمتنع في حق الله تعالى من إثبات ما أثبت الله تعالى لنفسه من الصفات والأفعال ولا ما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم والدعوى أن هناك لوازم تلزم أهل الإثبات عند التزام القول بإثبات ما ورد ليس صحيحا، إذا لو كان كذلك فهي لازمة لمن جاء بالإثبات، إذ أن المثبتين لم يثبتوا شيئا من عند أنفسهم وإنما أخذوا بالنصوص وصدقوها وآمنوا بما جاء فيها على مراد قائلها،

فاللوازم إنما تلزم من أولها بتأويله لها عن مدلولها. (١)

يقول ابن القيم: "إن الصفة يلزمها لوازم لنفسها وذاتها فلا يجوز نفي هذه اللوازم عنها لا في حق الرب ولا في حق العبد، ويلزمها لوازم من جهة اختصاصها بالعبد، فلا يجوز إثبات تلك اللوازم للرب، ويلزمها لوازم من حيث اختصاصها بالرب فلا يجوز سلبها عنه ولا إثباتها للعبد" (٢).

ويشبه أبو محمد الله تعالى بخلقه حين يحمل نزوله على نزولهم فيجعل من لوازم نزوله النقلة وغيرها مما يلزم نزول الخلق. (٣)

وقد ذكرنا مرارا أن صفات الله لا تشبه بصفات المخلوقين،


(١) انظر مختصر الصواعق المرسلة (٢: ٤٠٣).
(٢) مختصر الصواعق المرسلة (٢: ٤٠٤).
(٣) انظر التمهيد لما في الموطأ من الأسانيد لابن عبد البر (٧: ١٣٧).

<<  <   >  >>