للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتشبيه النفاة فعل الله تعالى بفعل خلقه وصفاته بصفاتهم هو الذي حملهم على تعطيله عما يستحق من الصفات بعد أن شبهوه بالمخلوقات. (١)

واستدلال أبي محمد بقول الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: "لا أحب الآفلين" وقد حمده الله على ذلك وهو عليه الصلاة والسلام قد استدل بنقلة الكوكب وحركته على عدم صلاحيته للربوبية غير صحيح، وبيان هذا أن إبراهيم عليه السلام كما حكى الله عنه في قوله: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} (٢).

في الآيات أن إبراهيم عليه السلام لما رأى الكوكب قال هذا ربي ثم قال نحو ذلك مع القمر لما رآه بازغا، ثم مع الشمس لما رآها بازغة وبإفول كل من الكوكب، والقمر، والشمس نفى إبراهيم عليه السلام أن تكون ربا له لأفولها.

والأفول هو التغيب (٣) ويكون تغيب الكواكب والقمر والشمس الطبعي بسقوطها إلى جهة المغرب، وهي لم تصل إلى الغروب إلا بتحركها نحوه، وهذا مشاهد ولم ينف إبراهيم عليه السلام أن تكون ربا له خلال مدة سيرها وتحركها وهو يراها كذلك ويرقبها فإذا غربت


(١) انظر مختصر الصواعق المرسلة (٢: ٣٨٥).
(٢) سورة الأنعام الآيات (٧٦، ٧٧، ٧٨).
(٣) انظر مختار الصحاح ص (١٩)، لسان العرب (١٣: ١٨)، القاموس (٣: ٣٢٨).

<<  <   >  >>