ولا يسأل الرب عما يفعل كيف يفعل وهم يسألون لأنه القادر على ما يشاء أن يفعله كيف يشاء، وإنما يقال لفعل المخلوق الضعيف الذي لا قدرة له إلا ما أقدره الله تعالى عليه كيف يصنع وكيف قدر" (١).
ويقول ابن قتيبة: "لا نحتم على النزول منه (الله) بشيء، ولكنا نبين كيف النزول منا وما تحتمله اللغة من هذا اللفظ والله أعلم بما أراد.
والنزول منا يكون بمعنيين:
أحدهما: الانتقال عن مكان إلى مكان، كنزولك من الجبل إلى الحضيض ومن السطح إلى الدار.
والمعنى الآخر: إقبالك على الشيء بالإِرادة والنية.
وكذلك الهبوط والارتقاء والبلوغ والمصير، وأشباه هذا من الكلام ومثال ذلك أن يسألك سائل عن محال قوم من الأعراب وهو لا يريد المصير إليهم فتقول له: إذا صرت إلى جبل كذا، فانزل منه، وخذ يمينا وإذا صرت إلى وادي كذا، فاهبط فيه ثم خذ شمالا وإذا صرت إلى أرض كذا، فاعتل هضبة هناك حتى تشرف عليها وأنت لا تريد في شيء مما تقوله إفعله ببدنك إنما تريد إفعله بنيتك وقصدك، وقد يقول القائل: بلغت إلى الأحرار تشتمهم وصرت إلى الخلفاء تطعن عليهم وجئت إلى العلم تزهد فيه، ونزلت عن معالي الأخلاق إلى الدناءة وليس يراد في شيء من هذا انتقال الجسم.