وإنما يراد به القصد إلى الشيء بالإِرادة والعزم والنية" (١).
يبين ابن قتيبة في كلامه هذا ما تحتمله اللغة من معنى النزول أي ما يقال عنه إنه نزول حقيقي بالنسبة للخلق.
وفي المعنى الثاني الذي ذكر، دلالة على خطأ من يقول: إنه يلزم من نزول البشر مطلقا انتقال الجسم، وليس هو كذلك على هذا المعنى إذا ليس فيه انتقال جسم وهو لازم على المعنى الأول. فنزول البشر يأتي على تلك الصفتين وهو فيهما حقيقة.
ولا يحكم على نزول الله تعالى، أنه يكون كنزول خلقه وأنه يلزم نزوله ما يلزم نزولهم لأن الله تبارك وتعالى وصف نفسه بصفات ووصفه رسوله صلى الله عليه وسلم بصفات وكل ذلك حق. ولا يعتقد من يثبت صفات الله تعالى أنها مشابهة لصفات خلقه، وإن كان هناك اشتراك في الاسم فهو لا يعدو اللفظ، أما حقيقة الصفة وقيامها بالمتصف بها، فصفات الله تعالى لائقة بكماله وجلاله وعظمته ولا يجوز نفيها خوفا من التشبيه لأنه لا مشابهة بين صفات الخالق وصفات المخلوق، كما لا مشابهة بين ذاته المقدسة وذواتهم، ولأن صفات الخلق مناسبة لحالهم وفنائهم وعجزهم وافتقارهم وصفاته مناسبة لعظمته وبقائه وقدرته وغناه سبحانه وتعالى.
(١) تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص (٢٧٤)، وانظر شرح حديث النزول لابن تيمية ص (٦٠، ٦١).