للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدم جواز ما طلب، وفي عدم الإِنكار على الخليل وموسى وعيسى عليهم السلام دليل الجواز وعدم الاستحالة (١).

الوجه الثالث:

أن الله أجاب موسى بقوله "لن تراني" وفي هذا دلالة على الجواز إذ لو كانت الرؤية مستحيلة عليه تعالى لقال "لا تراني، أو لست بمرئي، أو لا تجوز رؤيتي" ألا ترى أنه لو كان في يد رجل حجر مثلًا فقال له آخر أعطني هذا لآكله، فإنه يقول له هذا لا يؤكل، ولا يقول له لا تأكله ولو كان في يده بدل الحجر تفاحة لقال له لا تأكلها أي أن هذا مما يؤكل ولكنك لا تأكله. والفرق بين الجوابين ظاهر لمن تأمله .. ففي قوله تعالى جوابًا لموسى "لن تراني" دليل على أنه سبحانه يرى ولكن موسى عليه السلام لا تحتمل قواه رؤيته في هذه الدار لضعف قوة البشر فيها عن رؤية العلي العظيم ولم يرد سبحانه أن يراه أحد في الحياة الدنيا (٢).

الوجه الرابع:

أن الله تعالى علق الرؤية على أمر جائز، وهو استقرار الجبل والمعلق على الجائز جائز فيلزم كون الرؤية في نفسها جائزة.

قال الرازي: "إذا ثبت هذا وجب أن تكون رؤيته جائزة الوجود في نفسها, لأنه لما كان ذلك الشرط أمرًا جائز الوجود لم يلزم من فرض وقوعه محال، فبتقدير حصول ذلك الشرط، إما أن يترتب عليه الجزاء الذي هو حصول الرؤية أو لا يترتب فإن ترتب عليه حصول الرؤية


(١) انظر حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم ص (٢٢٣).
(٢) انظر تفسير الفخر للرازي (١٤: ٢٣١)، حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ص (٢٢٣).

<<  <   >  >>