للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لزم القطع بكون الرؤية جائزة الحصول، وإن لم يترتب عليه حصول الرؤية قدح هذا في صحة قوله: إنه متى حصل ذلك الشرط حصلت الرؤية وذلك باطل" (١)

الوجه الخامس:

أن الله تعالى تجلى للجبل وهذا التجلي هو الظهور، قال القرطبي: "تجلى أي ظهر من قولك جلوت العروس أي أبرزتها وجلوت السيف أبرزته من الصدأ جلاء فيهما وتجلى الشيء انكشف" (٢).

والمقصود إعلام نبي الله موسى عليه السلام أن الإِنسان لا يطيق رؤية الله تعالى حيث إن الجبل مع قوته وصلابته لم يصمد حين تجلى الرب له فاندك وتفرقت أجزاؤه فبدا مسوى بالأرض مدكوكًا.

وحيث جاز تجلى الله تعالى للجبل ورؤيته له وهو جماد لا ثواب له ولا عقاب فكيف يمتنع أن يتجلى لأنبيائه ورسله وأوليائه في دار كرامته ويريهم نفسه إن ذلك بعيد.

الوجه السادس:

أن من جاز عليه التكلم والتكليم وأن يسمع مخاطبة كلامه بغير وساطة فرؤيته أولى بالجواز وكليم الله وأعرف الناس به في زمانه لما سمع كلامه ومناجاته له من غير وساطة اشتاقت نفسه إلى رؤيته لعلمه عدم التفريق بين الرؤية والكلام لهذا فلا يتم إنكار الرؤية إلا بإنكار التكليم (٣).


(١) تفسير الفخر للرازي (١٤: ٢٣١).
(٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٧: ٢٧٨).
(٣) انظر حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ص (٢٢٤)، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص (١٣٣).

<<  <   >  >>