للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنى (الله) نظر الانتظار لأن النظر إذا ذكر مع ذكر الوجه فمعناه نظر العينين اللتين في الوجه". (١)

وقال الباقلاني: "وإذا قرن النظر بذكر الوجه وعدى بحرف الجر ولم يضف الوجه إلى قبيلة وعشيرة كان الوجه الجارحة التي توصف بالنضارة التي تختص بالوجه الذي فيه العينان فمعناه رؤية الأبصار". (٢)

فعلى هذا فالنظر الوارد في الآية يكون بمعنى الرؤية لأن الله تعالى قد وصف الوجوه التي هي الجوارح بأنها تنظر إليه وقد وصفها بما لا يجوز أن يوصف به إلا جارحة حيث قال {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} والنضارة لا تكون إلا في الجارحة التي هي الوجه. (٣)

فإن قال النفاة لا نسلم أن "إلى" في قوله "إلى ربها ناظرة" حرف جر وإنما هي اسم وهي واحدة الآلاء وهي النعم فهر، في موضع مفعول به لناضرة، أو أنها بمعنى عند، وحيث إننا اتفقنا على أن لفظ "ناظرة" إذا كان عاريا عن حرف "إلى" أفاد معنى الانتظار، وعليه يكون تقدير الآية "وجوه يومئذ ناضرة نعمة ربها منتظرة، أي كأنه تعالى قال "وجوه يومئذ ناضرة آلاء ربها منتظرة ونعمه مترقبة هذا على الأول، وعلى الثاني "وجوه يومئذ ناضرة عند ربها منتظرة". (٤)

قلنا: إن حمل لفظ "إلى" في الآية على واحد الآلاء بعيد لأن الله


(١) الإِبانة لأبي الحسن الأشعري ص (١٢، ١٣).
(٢) التمهيد للباقلاني ص (٢٧٤)، وانظر حادي الأرواح لابن القيم ص (٢٣١).
(٣) انظر التمهيد للباقلاني ص (٢٧٧).
(٤) انظر شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص (٢٤٦)، الفصل لابن حزم (٣: ٣)، الأربعين في أصول الدين للرازي ص (٢٠٩)، شرح المواقف للجرجاني ص (٢١٢).

<<  <   >  >>