للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى أخبر أن تلك الوجوه قد حصلت لها النضرة وهي النعمة لأن النضرة نعمة فإذا حصلت لها النعمة فبعيد أن ينتظر ما قد حصل لأن الانتظار يكون لما لم يحصل بعد (١)

ونقول أيضا: إن حمل لفظ "إلى" في الآية على واحد الآلاء أو على معنى عند وكون "ناظرة" بمعنى منتظرة غير جائز لأن الانتظار يتضمن الغم والمشقة ويؤدى إلى التنغيص والتكدير كما قيل في المثل الانتظار يورث الاصفرار والانتظار الموت الأحمر، والآية وردت في شأن أهل الجنة وذلك لا يجوز عليهم، ثم إنها وردت مبشرة لهم، والبشارة بما يوجب الغم والتنغيص غير لائقة بالحكمة، وإنما البشارة التي في الآية للمؤمنين بالإكرام والإنعام وحسن الحال وفراغ البال، وذلك في رؤيته تعالى فإنها أجل النعم والكرامات المستتبعة لنضارة الوجه لا في الانتظار المؤدى إلى عبوسه. (٢).

فتعين أن الآية الكريمة دالة دلالة صريحة على أن الوجوه الحسنة المضيئة في الجنة تنظر إلى ربها تبارك وتعالى نظرا حقيقيًا بأعين رؤوسها لا يلحقها في هذه الرؤية مضارة ولا شك ولا مرية. والله أعلم.


(١) انظر الفصل لابن حزم (٣: ٣).
(٢) انظر شرح الجرجاني للمواقف ص (٢١٢، ٢١٣)، الأربعين في أصول الدين للرازي ص (٢٠٩، ٢١٠).

<<  <   >  >>