للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلماء السنة يقسمون الأفعال إلى نوعين:

نوع اضطراري لا اختيار فيه، ولا يجد الإِنسان من نفسه القدرة على منعه أو التحكم فيه كحركة الارتعاش، ونبضات القلب والآخر اختياري يجد الإنسان من نفسه القدرة على التحكم فيه فقد يريده وتتعلق قدرته به فيفعله، وقد لا يريده فلا تتعلق قدرته به فلا يفعله (١).

ومن أجل هذا الإثبات كره السلف اطلاق لفظ "الجبر" لما فيه من معنى الإِكراه، يقال: أجبر الأب ابنته على النكاح إذا أكرهها.

ومن جعل مريدًا للفعل مختارًا له راضيًا به لا يقال عنه إنه مجبر.

يقول ابن تيمية: "فإن الله أعلى وأجل قدرًا من أن يجبر أحدًا وإنما يجبر غيره العاجز عن أن يجعله مريدًا للفعل مختارًا له محبًا له راضيًا به والله سبحانه قادر على ذلك، فهو الذي جعل المريد للفعل المحب له الراضى به مريدًا له محبًا له راضيًا به، فكيف يقال: أجبره وأكرهه كما يجبر المخلوق المخلوق" (٢).

ولعدم صلاحية هذا المعنى في الجبر بالنسبة للقادر على كل شيء قالوا: إن الله تعالى، جبل فلانًا على كذا، وهذا مما وردت به السنة، يقول صلى الله عليه وسلم: لأشج عبد القيس (٣): "إن فيك لخلقين


(١) انظر مجموع فتاوى ابن تيمية (٨: ٣٩٣، ٣٩٤).
(٢) مجموع الفتاوى (٨: ٤٦٣).
(٣) هو المنذر بن عائذ العصري بن عبد القيس، وقيل المنذر بن الحارث. وقيل غير ذلك، وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم في وفد عبد القيس وقيل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أشج فهو أول يوم سمي فيه الأشج. انظر أسد الغابة في معرفة الصحابة (١: ٩٦، ٩٧) و (٤: ٤١٧، ٤١٨) وشرح النووي على مسلم (١: ١٨٩).

<<  <   >  >>