للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا وهو العامل للخير والشر والله خالق ذلك كله وربه ومليكه لا خالق غيره ولا رب سواه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وقد أثبت سبحانه مشيئته، ومشيئة العبد، وبين أن مشيئة العبد تابعة لمشيئته سبحانه في قوله: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (٢٩) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٣٠)} (١) وقال: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (٢٧) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)} (٢). وقال: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦)} (٣).

وقد نطق القرآن بإثبات فعل العبد في كثير من الآيات: "يعملون، يفعلون، يؤمنون، يكفرون، يتفكرون، يحافظون، يتقون".

فمذهب السلف أن فعل العبد فعل له حقيقة، وهو مخلوق لله، ومفعول له سبحانه، وليس هو نفس فعل الله، ففرق بين الفعل والمفعول، والخلق والمخلوق (٤).

ولصراحة الأدلة على إثبات أن العبد فاعل، وله مشيئة واختيار أنكر السلف وعلماء أهل السنة على الجبرية قولهم، إن الأفعال الصادرة من الخلق كلها نوع واحد، يصدر الفعل عنها من غير إرادة ولا مشيئة كحركة الأشجار بهبوب الرياح وحركة المرتعش، ونبضات القلب ونحو هذا.


(١) سورة الإنسان: الآيتان (٢٩، ٣٠).
(٢) سورة التكوير: الآيات (٢٧، ٢٨، ٢٩).
(٣) سورة المدثر: الآيتان (٥٥، ٥٦).
(٤) انطر مجمو الفتاوى لابن تيمية (٨: ٢٣٨، ٣٩٣)، وشرح الطحاوية ص (٣٨٣ - ٣٩١).

<<  <   >  >>