للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتذكر فائت لمثل خاطري لعجب على ما مضى ودهمني، فأنت تعلم أن ذهني متقلب وبالي مهصر بما نحن فيه من نبو الديار، والجلاء عن الأوطان، وتغير الزمان، ونكبات السلطان وتغير الأخوان، وفساد الأحوال وتبديل الأيام وذهاب الوفر، والخروج عن الطارف والتالد، واقتطاع مكاسب الآباء والأجداد والغربة في البلاد، وذهاب المال، والجاه، والفكر في صيانة الأهل والولد واليأس عن الرجوع إلى موضع الأهل، ومدافعة الدهر، وانتظار الأقدار لا جعلنا الله من الشاكين إلا إليه، وأعادنا إلى أفضل ما عودنا". (١)

ويقول الدكتور عبد الكريم خليفة: "وهناك إشارة توقت زمن كتابة ابن حزم كتابه طوق الحمامة وأنه كان قبل سنة عشرين وأربعمائة وهي السنة التي مات فيها الحكم بن المنذربن سعيد". (٢) والإشارة هي: "وحكم المذكور في الحياة في حين كتابتي إليك بهذه الرسالة فقد كف بصره وأسن جدا". (٣)

ويحتمل أن أبا محمد رجع إلى قرطبة بعد بيعة هشام المعتد بالله، لأن أهل قرطبة اتفقوا على رد الأمر لبني أمية لما قطعت دعوة يحيى بن علي من قرطبة سنة سبع عشرة وأربعمائة وبايعوا هشامًا في شهر ربيع الأول سنة ثمان عشرة وأربعمائة، وبقى مترددا في الثغور ثلاثة أعوام غير شهرين. دارت هناك فتن كثيرة إلى أن اتفق أمرهم إلى أن يصير إلى قرطبة قصبة الملك فدخلها يوم منى ثامن ذي الحجة سنة عشرين وأربعمائة. (٤) وتوزر أبو محمد بن حزم لهشام بن محمد على ما ذكر


(١) طوق الحمامة ص ٣٢٣ - ٣٢٤.
(٢) ابن حزم الأندلسي للدكتور عبد الكريم خليفة ص ٥٩.
(٣) طوق الحمامة لابن حزم ص ١٣١.
(٤) انظر جذوة المقتبس للحميدى ص ٢٧، ٢٨.

<<  <   >  >>