للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن كل ما فعله فهو عدل وحكمه أي شيء كان" (١).

ويبرهن أبو محمد على امتناع أن يكون الله تعالى يخلق شيئًا لعلة بقوله: إنه لو فعل شيئًا مما فعل لعلة كانت تلك العلة إما لم تزل معه وإما مخلوقة محدثة ولا سبيل إلى قسم ثالث، فلو كانت لم تزل معه لوجب من ذلك شيئان ممتنعان:

أحدهما: أن معه تعالى غيره لم يزل.

والثاني: أنه كان يجب إذ كانت علة الخلق لم تزل أن يكون الخلق لم يزل لأن العلة لا تفارق المعلول، ولو فارقته لم تكن علة له.

وأيضًا فلو كانت ههنا علة موجبة عليه تعالى أن يفعل ما فعل لكان مضطرًا مطبوعًا أو مدبرًا مقهورًا لتلك العلة وهذا خروج عن الإلهية ولو كانت العلة محدثة لكانت ولا بد إما مخلوقة له تعالى وإما غير مخلوقة.

والقول بعلة محدثة وغير مخلوقة غير صحيح، لأن المحدث لا يكون إلا مخلوقًا فبطل هذا القسم.

وإن كانت مخلوقة وجب ولابد أن تكون مخلوقة لعلة أخرى أو لغير علة، فإن وجب أن تكون مخلوقة لعلة أخرى وجب مثل ذلك في العلة الثانية وهكذا أبدا وهذا يوجب وجوب محدثين لا نهاية لعددهم وهذا باطل.

وإن قالوا: بل خلقت العلة لا لعلة، سئلوا: من أين وجب أن


(١) الفصل لابن حزم (١: ٦٩).

<<  <   >  >>