الظروف العادية فكيف في مثل ظروفها. فهو بحق مثال للعزيمة الصادقة التي لا تقبل التردد بحال.
هذا ما يتعلق بشخصية ابن حزم، وأما صلب الموضوع فعن وجود الله تعالى نقول:
استدل ابن حزم على وجود الله تعالى بطريقين:
الأول: إثبات حدوث العالم ثم دلالة ذلك على المحدث له.
الثاني: الاستدلال بما في العالم من الآثار على وجود صانع له.
وهو استدلال سليم موصل إلى النتيجة المطلوبة.
وأما استدلاله على إثبات الوحدانية، فهو استدلال على أنه خالق للعالم سبحانه وأنه ربه ومليكه وبيده ملكوت كل شيء، ولا يدل هذا على وحدانيته، وتفرده بالألوهية دون سواه. وليس هذا هو التوحيد الذي دعت إليه الرسل فيستدل على هذا بدلالة التمانع، وغيرها.
وقد دل القرآن على ذلك بأدلة تتجه إلى العقل والحس معًا عن طريق النظام والعناية والتدبير الموجود في الكون حيث يستحيل وجود ذلك عن أكثر من إله.
ويخالف ابن حزم الصواب حين يرى أن من توحيد الله تعالى ونفي التشبيه عنه نفي الجسمية والعرضية والزمانية والمكانية والحركة والصواب عدم النفي المطلق في مثل هذه الألفاظ المجملة فيجب الاستفصال عن المقصود بالنفي والإِثبات. فإن كان المقصود صحيحًا قبل وإلا رد.
ويوافق ابن حزم المعتزلة في إثبات الأسماء - التي سمى الله بها نفسه - مجردة فلا يشتق له منها صفات. والصحيح خلاف ذلك فيثبت له الأسماء ويشتق له منها صفات لأنها ليست أعلامًا محضة.