للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها فاعترض في ذلك فقال له بعض الحضار: "هذا العلم ليس من منتحلاتك" فقام وقعد ودخل منزله فعكف، ووكف منه وابل فما كف وما كان بعد أشهر قريبة حتى قصدنا إلى ذلك الموضع فناظر أحسن مناظرة، وقال فيها: أنا أتبع الحق وأجتهد ولا أتقيد بمذهب". (١)

هذه الرواية تؤيد كونه بدأ دراسة الفقه في السادسة عشرة من عمره مع بداية سماعه للحديث لأن الحديث والفقه أخوان متلازمان لا يمكن أن يطلب الحديث إلا مع الفقه، وأن ما ذكر في الروايتين عن ابن العربي فيه تصحيف من النساخ، لأن فيما روى عن عمر بن واجب أنه بعد أشهر من وقوع القصة، وكان عمره آنذاك بين ثلاثة وعشرين وخمسة وعشرين تقريبًا، وقد قال إنه لا يتقيد بمذهب، والمعروف أنه درس الفقه المالكي بادىء الأمر، لأنه هو المذهب السائد في المغرب، وقد ابتدأ دراسة موطأ مالك على ابن دحون كما عرفنا قريبًا، ثم تحول شافعيًا فاشتهر به قبل أن يذهب إلى مذهب أهل الظاهر. (٢)

ذكر ياقوت في معجم الأدباء عن أبي مروان ابن حيان أن أبا محمد بن حزم: "مال أولًا النظر به في الفقه إلى رأي محمد بن ادريس الشافعي - رحمه الله - وناضل عن مذهبه، وانحرف عن مذهب سواه حتى وسم به ونسب إليه فاستهدف بذلك لكثير من الفقهاء وعيب بالشذوذ ثم عدل في الآخر إلى قول أصحاب الظاهر مذهب داود بن


(١) سير النبلاء جزء خاص بترجمة الإمام ابن حزم للذهبى تحقيق سعيد الأفغاني ص ٢٩. وتذكرة الحفاظ ج ٣ ص ١١٤٨.
(٢) انظر لسان الميزان لابن حجر ج ٤ ص ١٩٨.

<<  <   >  >>