للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انتشارها: من ذلك مذهبه الذي يخالف به أهل الأندلس. وحدة لسانه، وتطاوله على العلماء هناك، للدفاع عن هذا المذهب قال أبو العباس بن العريف: "كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج بن يوسف الثقفي شقيقين". (١)

فضاق به علماء عصره فأجمعوا على تضليله، وشنعوا عليه، وحذروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا العوام من الدنو إليه والأخذ عنه حتى إن حاكم أشبيلية أحرق قسطا من كتبه من جراء تأليب العلماء عليه، قال أبو محمد في هذا:

فإن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي ... تضمنه القرطاس بل هو في صدرى

يسير معي حيث استقلت ركائبي ... وينزل إن أنزل ويدفن في قبرى

دعوني من إحراق رق وكاغد ... وقولوا بعلم كي يرى الناس من يدرى

وإلا فعودوا في المكاتب بدأة ... فكم دون ما تبغون لله في ستر

كذاك النصارى يحرقون - إذا علت ... أكفهم - القرآن في مدن الثغر (٢)

ولكنه على الرغم مما قوبل به من الفقهاء والرؤساء لا يرتدع ولا يرجع إلى ما أرادوا يبث علمه فيمن ينتابه من أصاغر الطلبة الذين لا يخشون فيه الملامة، ولا يدع المثابرة على العلم والمواظبة على التأليف حتى كمل من مصنفاته في فنون العلم المختلفة وقر بعير لم تتجاوز باديته كما قال ابن حيان. (٣) وقال "ولهذا الشيخ أبى محمد مع يهود لعنهم الله ومع غيرهم من أولى المذاهب المرفوضة من أهل


(١) وفيات الأعيان لابن خلكان جـ ٣ ص ٣٢٨. وانظر سير النبلاء جزء خاص بترجمة ابن حزم ص ٣٦.
(٢) سير النبلاء للذهبى ص ٤٤.
(٣) انظر معجم الأدباء جـ ١٢ ص ٢٤٨، ٢٤٩.

<<  <   >  >>