[المرحلة الرابعة: مرحلة الشباب الباكر إلى الرجولة]
الارتقاء في أسلوب التربية:
بعد مرحلة الصبا تأتي مرحلة البلوغ والشباب الباكر، حيث تتغير الطباع وتنمو الغرائز وتظهر علامات الرجولة وعلامات الأنوثة, إذ لم يعد هو الطفل الذي كان بالأمس القريب غارقًا في أحلام طفولته، ولم يعد ليقبل من الآخرين معاملتهم السابقة له, إنما هو يريد أن يعامل على أنه إنسان كبير، يعامل على أنه رجل إذا كان رجلًا، وعلى أنها امرأة إذا كانت أنثى. إن الشخصية في تلك المرحلة تترسب في كيان الفتى كما تترسب في كيان الفتاة, إنها مرحلة المراهقة والنضوج والحمية والحماس، والنشاط والعنفوان، وعندها يجب أن يتغير أسلوب التدليل إلى أسلوب الملاطفة، وأسلوب البنوة إلى أسلوب الصداقة, وهنا تظهر الفائدة الكبرى لما سبق أن تعاطاه الشاب أو الفتاة من آيات القرآن الكريم, ومن الذي لقن من الحديث النبوي الشريف أيام الصغر, وبما يحفظ من الآداب التي تلقاها في أيام طفولته السابقة في مرحلة التأديب، فمهما كان التغيير الذي يطرأ على حياة الشباب من الأحوال الجسمية والعقلية, فإن السلك يكون راشدًا طالما أن مرحل الطفولة تَمَّ تأسيسها على القاعدة الصلبة التي هي العقيدة الإسلامية الراسخة, وعلى الأب أن يتخذ من ولده في هذه المرحلة صديقًا يرافقه في رحلاته, وينيبه عنه في بعض أعماله، وعلى الأم أن تعين زوجها على ذلك, فترشد ولدها إلى ما تراه مفيدًا، تنصحه بالبعد عن مصاحبة الأشرار ورفاق السوء، وبأن يصاحب كل ذي دين ومروءة, ولتذكره بقول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم:"المرء على دين خليله, فينظر أحدكم من يخالل" فإن الأخذ بهذه التوجيهات الكريمة يصلح من حال الأولاد, وينصلح حال المجتمع بصلاحهم.