للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[آداب المعاشرة]

نجد في علوم الدين الإسلامي تراثًا ضخمًا من الأحاديث النبوية والشروح عليها, مما فيه كثير الهداية والسداد لشباب هذا الدين، ولا تجد مثل هذا التراث في دين آخر غيره، ومنها ما يتعلق بهذا الباب، حيث ينصح الشباب من الجنسين؛ فيقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم خلقًا" ١.

ولقد كان من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع: "ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوان عندكم، ليس تملكون شيئًا منهن غير ذلك، إلّا أن يأتين بفاحشة مبينة, فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرح, فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا, ألَا إن لكم على نسائكم حقًّا ولنسائكم عليكم حقًّا, فأما حقكم على نسائكم: فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذَنَّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن". قال أبو عيسى الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح٢.

ولقد حصر الإمام الغزالي آداب المعاشرة الزوجية في عشرة أمور, نوجزها فيما يلي.

الأدب الأول: الوليمة, وهي مستحبة لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمن بن عوف بعد زواجه: "أولم ولو بشاه" , كما قال -صلى الله عليه سلم: "طعام أول يوم حق, وطعام الثاني سنة, وطعام الثالث سمعة, ومن سمع سمَّع الله به".

الأدب الثاني: حسن الخلق معهن واحتمال الأذى منهن ترحمًا عليهن لقصور عقلهن, قال تعالى: {ٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف} ، وقال في تعظيم حقهن: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} ، ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها, بل احتمال الأذى منها، والحلم عند طيشها وغضبها اقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم, فقد كانت أزواجه تراجعنه الكلام, وتهجره الواحدة


١ الترمذي، الجامع الصحيح, ج٣/ ٤٥٧, ح رقم ١١٦٢.
٢ المصدر السابق، ج٣/ ٤٥٨, ح رقم ١١٦٣.

<<  <   >  >>