إن مجتمع المدينة الفاضلة التي كان يحلم بها الفلاسفة من أمثال أفلاطون تحقق وجوده في ربوع العالم الإسلامي بأفضل مما تصوره أيام النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء، وعصر عمر بن عبد العزيز؛ إنه المجتمع الإسلامي بكل صوره التي ترضي الله سبحانه وتعالى، فهل من سبيل إلى عودة هذا المجتمع الفاضل؟
إن مجتمعنا الإسلامي المعاصر طرأت عليه أمور شوهت صورته الجميلة، ومع ذلك فهو يخلو من الفضيلة ولم تنعدم فيه المروءة، وهو لا يزال من أفضل المجتمعات طرا، لكن الفاقد فيه كبير؛ هذا الفاقد يرجع سببه إلى التأثر بالتيارات الأجنبية الوافدة إليه سواء من الغرب أو من الشرق، والتي أدت إلى وجود فئة من الكتاب والأدباء والعلماء الدنيويين أتوا بكثير من البدع والمستحدثات تحت مسمى الحضارة الحديثة، أفسدت عقول شبابنا وأبنائنا، وأصبح من العسير علاجها دفعة واحدة، ولقد تعاملنا مع كل "الأيدلوجيات" والمذاهب السياسية الموجودة في العالم، ومع ذلك فهي لم تنفع لا في تنظيم الجماهير ولا في إصلاح الدولة ولا في تطوير الاقتصاد.
ونحن لدينا كل المقومات في القرآن الكريم والسنة المطهرة وهدي الصحابة والتابعين والأمثلة الزاهية من العلماء والفقهاء على مختلف العصور، ولكن لا نتحرك لتعميم الإفادة من كل ذلك في مواجهة كوارث الواقع ومتغيراته، بل على العكس نحن نزداد بعدًا عن سبل الهداية في القرآن والسنة والتراث الصالحة لكل زمان ومكان، ونلجأ إلى تطبيق تجارب الأجانب التي تفضي في النهاية إلى الضياع.