للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تربية الله لعباده ١:

وتربية الله تعالى مخالفة لتربية غيره, وبيان ذلك من وجوه:

الأول: أنه يربي عبيده لا لغرض نفسه بل لغرضهم, وغيره يربون لغرض غيرهم.

الثاني: أن غيره إذا ربَّى فبقدر تلك التربية يظهرالنقصان في خزائنه وفي ماله, وهو تعالى متعالٍ عن النقصان والضرر، كما قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} ٢.

الثالث: أن غيره من المحسنين إذا ألح الفقير عليهم أبغضه وحرمه ومنعه، والحق تعالى بخلاف ذلك، كما قال -عليه الصلاة والسلام: "إن الله تعالى يحب الملحين في الدعاء".

الرابع: أن غيره من المحسنين مالم يطلب منه الإحسان لم يعط، أما الحق تعالى فإنه يعطي قبل السؤال، ترى أنه رباك حال ما كنت جنينًا في رحم الأم، ورحال ما كنت جاهلًا غير عاقل، لا تحس أن تسأل، ووقاك وأحسن إليك مع أنك ما سألته, وما كان لك عقل ولا هداية.


١ انظر فخر الدين الرازي، مفاتيح الغيب, العدد٣, ص٢٨٢.
٢ سورة الحجر الآية:٢١.

<<  <   >  >>