للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخامس: أن غيره من المحسنين ينقطع إحسانه إما بسبب الفقر أو الغيبة أو الموت، والحق تعالى لا ينقطع إحسانه البتة.

السادس: أن غيره من المحسنين يختص إحسانه بقوم دون قوم, ولا يمكنه التعميم, أما الحق تعالى فقد وصل تربيته وإحسانه إلى الكلِّ, كما قال: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} ١ فثبت أنه تعالى رب العالمين, ومحسن إلى الخلائق أجمعين، فلهذا قال تعالى في حق نفسه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ٢.

ثم إن الذي يحمد ويمدح ويعظم في الدنيا إنما يكون كذلك لأحد وجوه أربعة: إما لكونه كاملًا "في ذاته وفي صفاته, منزهًا عن جميع النقائص والآفات, وإن لم يكن منه إحسان إليك، وإما لكونه محسنًا إليك ومنعمًا عليك، وإما لأنك ترجو وصول إحسانه إليك في المستقبل من الزمان، وإما لأجل أنك تكون خائفًا من قهره وقدرته وكمال سطوته، فهذه الحالات هي الجهات الموجبة للتعظيم، فكأنه -سبحانه وتعالى- يقول: إن كنتم ممن يعظِّمون الكمال الذاتي فاحمدني فإني إله العالمين، وهو المراد من قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} , وإن كنتم ممن تعظِّمون الإحسان فأنا رب العالمين، وإن كنتم تعظِّمون للطمع في المستقبل فأنا الرحمن الرحيم، وإن كنتم تعظمون الخوف فأنا مالك يوم الدين"٣.


١ سورة الأعراف: الآية ١٥٦.
٢ مفاتيح الغيب, ج٣, ص٢٨٣.
٣ المصدر السابق نفسه.

<<  <   >  >>