للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجوه تربية الله للعبد كثيرة غير متناهية، ونحن نذكر منها أمثلة:

المثال الأول: لما وقعت قطرة النطفة من صلب الأب إلى رحم الأم, فانظر كيف أنها صارت علقة أولًا، ثم مضغة ثانيًا، ثم تولَّدت منها أعضاء مختلفة؛ مثل: العظام والغضاريف والرباطات الأوتار والأوردة والشرايين، ثم اتصل البعض بالبعض، ثم حصل في كل واحد منها نوعٌ خاصٌّ من أنواع القوى، فحصلت القوة الباصرة في العين، والسامعة في الأذن، والناطقة في اللسان، فسبحان من أسمع بعظم، وبصَّرَ بشحم، وأنطق بلحم، وكل ذلك يدل على تربية الله تعالى للعبد"١.

المثال الثاني: أن الحبة الواحدة إذا وقعت في الأرض فإذا وصلت نداوة الأرض إليها انتفخت لا تشق من شيء من الجوانب إلّا من أعلاها وأسفلها، مع أن الانتفاخ حاصل من جميع الجوانب؛ أما الشق الأعلى فيخرج منه الجزء الصاعد من الشجرة؛ وأما الشق الأسفل فيخرج منه الجزء الغائض في الأرض، وهو عروق الشجرة، فأما الجزء الصاعد فبعد صعوده يحصل له ساق، ثم ينفصل من ذلك الساق أغصان كثيرة, ثم يظهر على تلك الأغصان الأنوار أولًا، ثم الثمار ثانيًا، ويحصل لتلك الثمار أجزاء مختلفة بالكثافة واللطافة وهي القشور اللبوب ثم الأدهان، وأما الجزء الغائص من الشجرة فإن تلك العروق تنتهي إلى أطرافها؛ وتلك الأطراف تكون في اللطافة كأنها مياه منعقدة، مع غاية لطافتها فإنها تغوص في الأرض الصلبة الخشنة٢.


١ المصدر السابق, ص٢٨٤.
٢ المصدر السابق نفسه.

<<  <   >  >>