"هو المصلح الكبير، والمجتهد الخطير، والكاتب البليغ، والخطيب المصقع، الأستاذ الإمام الحكيم الشيخ محمد عبده أحد أركان النهضة العربية، ومؤسسي الحركة الفكرية.
ولد بإحدى قرى مديرية الغربية نشأ بين أسرته بمحلة نصر من مديرية البحيرة وترك بلا تعليم حتى ناهزت سنه العاشرة ثم رغب في التعلم، فحفظ القرآن الكريم، وطلب العلم بالجامع الأحمدي، ثم انتقل إلى الأزهر ونبغ في علومه.
ولما قدم مصر السيد جمال الدين الأفغاني سنة ١٢٨٦، وأعاد إلى مصر دراسة الفلسفة وعلوم الحكمة والكلام بعد نضوب معينها عدة قرون لزمه هو وطائفة من نابغي الأزهر كانوا يعدون ألسنة الفصاحة وأئمة الحركة الفكرية، وكان الشيخ محمد عبده أنبغ تلاميذه، وأحرصهم على ملازمته والاستفادة منه، ونال درجة العالمية سنة ١٢٩٤ واختير سنة ١٢٩٥ مدرسا للأدب والتاريخ العربي بدار العلوم ومدرسة الألسن، ثم فصل منها ولزم بلده إلى أن أشير على رياض باشا باختيار المترجم لإصلاح لغة الوقائع المصرية ثم صار رئيس تحريرها، وفي هذه المدة جعله رياض باشا مراقبا على كتابة الجرائد وتحريرها.
وحدثت عقب ذلك الثورة العرابية فاشترك فيها، ونفى من مصر فذهب إلى سورية، وتولى التدريس بمدراسها، ثم انتقل إلى أوربه فالتقى بالسيد جمال الدين بباريس فأنشأ جريدة العروة الوثقى، ثم عاد إلى مصر ورضي عنه الخديو توفيق باشا فجعل قاضيا بالمحاكم الأهلية، وبقي مدة طويلة مثلا للعدل إلى سنة ١٣١٧ فأسند إليه منصب إفتاء الديار المصرية، وتولى التدريس بالأزهر، وما زال كذلك حتى توفي سنة ١٣٢٣. وكان رحمه الله من خير من ظهر في مصر من شيوخ العلم