للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- الشمولية والتكامل:

لقد كان من أكبر الأخطاء التي ارتكبها الفكر التربوي غير الإسلامي إيمانه بالجانب المادي من الإنساني والحياة دون أدنى تشوف إلى الجانب الروحي، إذا كان المنهج التربوي الغربي لا يقيم للعقيدة وزنا ولا للمثل والأخلاق اعتبارا، وهدفه الوحيد بناء الفرد والمجتمع على أساس المحسوسات والماديات حيث نتج عن ذلك سيطرة الغرائز وفقدان الوازع الديني الموجه الأساسي لكل سلوك بشري واضطراب مفهوم القيم والمثل العليا، فإن المنهج الإسلامي في التربية عكس ذلك؛ إنه ينظر إلى الدين والإنسان المجتمع نظرة كلية وشاملة؛ إذ إن الإسلام الذي تقوم على أساسه التربية الإسلامية شمولي في اهتماماته وفلسفة تفسيره للوجود والكون والحياة مؤكدا التصور الجامع بين الروح والمادة وبين النفس والجسم وبين الفرد والجماعة، وبالتالي بين الدنيا والآخرة.

وإذا كانت التربية الحديثة بفضل تجاربها المتواصلة والمتعاقبة قد توصلت في بعض البلدان الغربية إلى ضرورة تأكيد نزعة الشمول التي تتعلق بتكوين شخصية الفرد في شتى الجوانب الإنسانية وهو منزع جاء به الإسلام كما هو معلوم منذ أربعة عشر قرنا، فإن نتائج تجربتها هذه لم تثمر الغاية المنشودة؛ لأن نسق الفكر الغربي مهما حال الالتفات -بصعوبة وعلى مضض- إلى الجانب الروحي في مجال التربية فإن عدم إيمانه بأن أساس كل ذلك ترسيخ عقيدة الإيمان بوجود الله ووحدانيته والعبودية له جعل كل محاولة في هذا الاتجاه تبوء بالفشل الذريع"١.


١ حسن عزوزي: خصائص التربية الإسلامية. مجلة الوعي الإسلامي، العدد ٣٧٤ شوال ١٤١٧، فبراير ١٩٩٧، من ص٧٤-٧٥.

<<  <   >  >>