والقدوة الأولى لنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو المثل الأعلى وهو خير خلق الله على الإطلاق، ونحن مأمورون بالاقتداء به والسير على نهجه بنص القرآن:{وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ودراسة سيرته مطلوبة لكل مؤمن، حتى يتخلق الإنسان بخلقه ويسير على نهجه، وفي تعلم أخباره وتفهم مواقفه كثير من الحكمة، وقد قال عز من قائل:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} .
وقد جعل الله عز وجل في شخص رسولنا الكريم الصورة الكاملة للمنهج الإسلامي في التربية والتعليم؛ ليكون للناس على مدار التاريخ القدوة الصالحة وللبشرية في كل مكان النور الهادي إلى سواء السبيل، ومنه تعلم الصحابة صغارا وكبارًا كل معاني العفة والطهارة والصدق والأمانة والشجاعة والطاعة والعبادة، واكتسبوا منه كل الأعمال الصالحة حتى كان منهم رجال أنزل الله فيهم قرآنا، وتحققت فيهم تربيته حتى وصف القرآن حال صحابته صلى الله عليه سلم بقوله تعالى:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[الفتح: ٢٩] .
فيكفيهم بذلك فخرا وخلودا أن ذكرهم الله في كتابه الذي تعهد بحفظه على مدى الزمان.
"هذا غيض من فيض مما نزل في كريم مآثرهم، وجميل محامدهم، وقد تحقق بهم فعلا إقامة المجتمع الفاضل الذي كان حلم المفكرين، وأمنية الفلاسفة منذ القدم ... وكيف لا؟! والقاضي يجلس بينهم سنتين ولا يتخاصم إليه إثنان؟ ولماذا يتخاصمون وبين أيديهم القرآن؟ ولماذا يختلفون وهم يحبون لإخوانهم ما يحبون لأنفسهم؟ ولماذا يتاغضون والرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم بالمحبة والإخاء،