للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثالثا: هدى الصحابة]

[مدخل]

...

ثالثًا: هدي الصحابة:

الصحابة هم أولئك الذين صحبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم, ونهلوا من معين معارفه, وتخرجوا في مدرسته, وتأدبوا بآدابه، وتحققت فيهم كل معاني الخلافة في الأرض؛ لأنهم تربوا بآداب القرآن وبآداب المصطفى -صلى الله عليه وسلم_ قلبا وروحًا, وجسدًا وعقلًا، وخلقًا وسلوكًا، وإذا كانوا يشعرون أن عين الله تراقبهم, وأن سمع الله إليهم، وأن ما يلفظ أحد منهم من قول، بل ما ينوي من نية إلّا وقد تصبح مكشوفةً للناس يتنزل في شأنها قرآن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فأسلموا صدورهم لله, وقلوبهم لله, وأحبوا الله ورسوله حبًّا لا يدانيه حب, واتصلوا جميعًا بالسماء ذكرانًا وإناثًا، وكان الواحد منهم إذا حزبه أمر أو واجهته معضلة دعا, ولدعائه تتفتح أبواب السماء, ويتنزل منها حلٌّ لمعضلته, أوفتوى في أمره, أو قضاء في شأنه.

ورُوِيَ أن معقل بن يسار زوَّج أخته رجلًا من المسلمين على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم, فكانت عنده ما كانت, ثم طلقها تطليقةً لم يراجعها، حتى انقضت عدتها، فهويها وهويته، ثم خطبها مع الخطاب فقال معقل له: أكرمتك بها فطلقتها، والله لا ترجع إليك أبدًا, قال: فعلم الله -سبحانه وتعالى- حاجته إليها, وحاجتها إلى بعلها, فأنزل الله تعالى:

{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ١.

فلما سمعها معقل قال: سمعًا لربي وطاعة، ثم دعاه فقال: أزوجك وأكرمك، فزوجه إياها٢.


١ البقرة: ٢٣٢.
٢ الترمذي، جامع الترمذي، ج٥, ص٢١٦, الحديث رقم ٢٩٨١, من كتاب تفسير القرآن.

<<  <   >  >>