للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المرحلة الأولى: الزواج وتكوين الأسرة]

[العقيدة وحسن اختيار الزوج]

...

المرحلة الأولى: الزواج تكوين الأسرة

[العقيدة وحسن اختيار الزوج]

يبدأ منهج الإسلام التربوي بالتوحيد، وبأن يعرف الرجل المسلم والمرأة المسلمة قبل الزواج حقيقة لا بُدَّ لهما من الإلمام بها, وهي أن الله هو الخالق وإليه تصير الأمور, وأن الدين عند الله الإسلام، وأن وظيفة الإنسان رجلًا كان أو امرأة هي العبادة؛ لقوله -عز من قائل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ١.

وإن كثيرًا من الناس في هذه الأيام قد تغيب عن أذهانهم هذه الحقيقة؛ إذ ينسى كثير منهم أن المطلوب الأول في حياته العبادة، فيظن أن العمل أولى من العبادة، بل هو من العبادة؛ لأن الله أمرنا به فقال: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} , فلا تترك الفرائض بحجة أننا نعمل، والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} . فليجعل المسلم شعاره دائمًا العبادة أولًا.

ومن هذا المنطلق يكون هدف المسلم هو تعظيم شعائر الله -عز وجل، فإذا ما أقبل على الزواج يضع في اعتباره أنه يتزوج عبادةً لله، وهو في هذا الأمر يرغب في أن يهبه الله ذريةً تسبح بحمد الله وتعبده وحده لا تشرك به شيئًا, من أجل ذلك يبحث عن المرأة الصالحة ذات الدين؛ لأنها ستكون المنبت الصالح لأبنائها الذين تلدهم, وتقوم على تربيتهم ليكونوا مؤمنين صالحين, وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "تنكح النساء لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها, فاظفر بذات الدين تربت يداك" ٢.

وقال أيضًا: "تخيروا لنطفكم, فإن العرق دساس" رواه ابن ماجه.

كما حذَّر -عليه السلام- من أن يزوج الرجل ابنته من ظالمٍ أو فاسقٍ أو مبتدعٍ أو شارب خمر، وبيَّن أن من فعل ذلك فقد جنى على دينه


١ الذاريات: آية ٥٦.
٢ الخطابي: معالم السنن، ٣/ ١٨٠, نشر المكتبة العلمية ببيروت, لبنان, طبعه "١٤٠١هـ-١٩٨١م".

<<  <   >  >>