عليه إما ثوابًا أوثناءً، والقسم الثاني: هو الحق -سبحانه وتعالى, كما قال:"خلقتكم لتربحوا عليّ لا أربح عليكم" فهو تعالى يربي ويحسن، وهو خلاف سائر المربين, وبخلاف سائر المحسنين.
فالتربية هي عملية التنشئة والرعاية والتوجيه من جانب الكبير تجاه الصغير, والعالم حيال المتعلم.
ولقد تناول الإسلامي كل شئون الفرد بالتوجيه والإرشاد والتهذيب والتعليم, فلم يدع في حياته شيئًا إلّا وقد أفاده فيه بما يصلحه، كذلك بالنسبة لحياة المجتمع لم يدع فيها أمرًا إلّا وجعل له نظامًا وهديًا؛ بحيث يضمن للناس السعادة دائمًا, والأمان في حاضر أيامهم ومستقبلها.
ولما كان الدين من عند الله من لدن آدم حتى رسولنا الكريم -صلى الله عليه سلم, فقد وضع للناس الموازين القسط التي تلائم عصورهم وطبائعهم، ولما كان الدين الإسلاميّ هو الدين الخاتم؛ لأنه لا نبي بعد محمد -صلى الله عليه سلم, فقد جعله الله مهيمنًا على كل الأديان قبله, وجعل القرآن مهيمنًا على كل الكتب قبله, ووصفه بأنه دائمًا يهدي إلى الحق وإلى سبيل الرشاد؛ فقالك -عزَّ وعَلَا:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} ١.
وإن كتابًا هذا شأنه, يجب أن يُقْبِل كل إنسان على تدبر ما فيه وفهم مراميه؛ لأنه دائمًا يهدي للتي هي أقوم, فهو يضم كل أصول التربية، وكانت حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد البعثة شرحًا لهذا القرآن, وتفصيلًا له, وتبيينًا لأحكامه، ولذلك كان على اكلبشرية أن توجِّه الشكر كل الشكر إلى العناية الإلهية التي لم تخلقهم عبثًا، ولهذا نجد أن المولى -عزَّ وعلَا في سورة الفاتحة, بدأ بالحمد لذاته, ثم بلفظ الربوبية بعده, فقال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} , وكما نعلم أن من معاني الربّ: السيد، المالك، الصاحب، المربي".