والمتتبع لتاريخ أسلافنا -رحمهم الله- يدرك الأهمية التي أعطيت لهذا النوع من التعليم، فقد بذلوا الأموال وحبسوا الأحباس؛ لضمان استمرار المسجد في تأدية رسالته التعليمية والتربوية.
وما انتهى المسلمون اليوم إلى ما هم عليه من انحراف في عقائدهم وسلوكهم، وجمود في فكرهم، إنما سببه هو انعدام التعليم الديني في المساجد، التي أصبحت مؤسسات رسمية خاضعة لتوجيهات الساسة.. ولن يرجى لهم شيء من السعادة الإسلامية، إلا إذا أقبلوا على التعليم الديني، فأقاموه في مساجدهم كما يقيمون الصلاة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل من إقامته بمسجده.
لقد تضاءلت وظائف المسجد في عصرنا الحاضر إلى درجة أن أصبح أحادي الوظيفة؛ إذ تنحصر وظيفته في صلاة الجماعة في أوقات الفرائض، وتقلص دوره إلى إقامة شعائرها فحسب.
"ولم يعرف الإسلام المسجد الوحيد الوظيفة إلا في عهد ضعفه.. في حين أن في عهود ازدهار الإسلام كان المسجد جامعا لعدة وظائف: كانت فيه وإلى جواره المدراس ومساكن الطلاب العلم والأساتذة والمستشفيات والرعاية الاجتماعية وسبل المياه ومكاتب حفظ القرآن الكريم، ولعل من أبرز النماذج بين أيدينا الجامع الأزهر، ومجموعة قلاوون، ومسجد السلطان حسن برقوق"١.
١ د/ عبد العزيز كامل: الإسلام والعصر. اقرأ - دار المعارف بمصر ص١٨١ طبعة سنة ١٩٧٢م.