للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَعْتَبَرَ الآنَ سَهْلَةَ الاِقْتِحَامِ عَلَى الإِرْسَالِيَّاتِ التَّبْشِيرِيَّةِ. إِنَّ فِي الإِمْبْرَاطُورِيَّةِ العُثْمَانِيَّةِ اليَوْمَ وَفِي غَرْبِيِّ شِبْهِ جَزِيرَةِ العَرَبِ وَفِي إِيرَانَ وَالتُّرْكِسْتَانَ وَالأَفْغَانَ وَطَرَابُلْسَ الغَرْبَ وَمَرَّاكُشَ سُدُودًا فِي وَجْهِ التَّبْشِيرِ، وَلَكِنَّ هُنَالِكَ مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ مَلْيُونًا مِنَ المُسْلِمِينَ فِي الهِنْدِ وَجَاوَةَ وَالصِّينَ وَمِصْرَ وَتُونِسَ وَالجَزَائِرَ يُمْكِنُ أَنْ يَصِلَ إِلَيهِمْ التَّبْشِيرُ المَسِيحِيُّ بِشَيْءٍ مِنَ السُّهُولَةِ» (١).

ولا يخفي المبشرون نياتهم الحقيقية، فقد قال (جسب) (٢): «مِنَ العِنَايَةِ الإِلَهِيَّةِ العَظِيمَةِ أَنَّ المَطْبَعَةَ الأَمَرِيكِيَّةَ وَالمَدَارِسَ الأَمَرِيكِيَّةَ فِي سُورِيَّةَ كَانَتْ وَسِيلَةً لإِعْدَادِ رِجَالٍ وَنَسَاءَ كِثَارًا لِيَكُونُوا مَوَاطِنِينَ أَمَرِيكِيِّينَ. أَمَّا إِنْجْلِتْرَا التِي كَانَتْ دَائِمًا تُرِيدُ الاِحْتِفَاظَ بِقَنَاةِ السُّوِيسْ لأَنَّهَا طَرِيقَ الإِمْبْرَاطُورِيَّةِ البْرِيطَانِيَّةِ إِلَى الهِنْدِ وَأُسْتْرَالِيَا وَالصِّينِ (٣) فَقَدْ تَوَسَّلَتْ إِلَى تَثْبِيتِ نُفُوذِهَا بِرِجَالِ الدِّينِ مِنْ قَوْمِهَا. مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا عَهِدَتْ إِلَى القِسِّيسِ (رُوبْسُونْ)، وَهُوَ مِنَ الإِرْسَالِيَّةِ المَشْيَخِيَّةِ الإِيرْلَنْدِيَّةِ (٤)، بِأَنْ يُثَقِّفَ اِبْنَيْ سَعِيدْ بِكْ جُنْبْلاَطْ (أَحَدُ رِجَالِ الإِقْطَاعِ الكبارِ مِنَ الدُّرُوزِ فِي لُبْنَانَ) عَلَى نَفَقَتِهَا، وَعَدَّتْ ذَلِكَ ضَمَانًا لَجَعْلِ الدُّرُوزِ فِي المُسْتَقْبَلِ أَكْثَرَ هُدُوءًا نَحْوَهَا» (٥).

وكانت إيطاليا ترمي إلى بلوغ أغراض سياسية في الشرق فزرعت البلاد بمدارس دينية مع أنها كانت قد صادرت أموال الأديرة في إيطاليا نفسها (٦). وكذلك فعلت روسيا حتى استطاعت هي أيضًا أن تنفذ إلى الإمبراطورية العثمانية المتداعية الأركان (٧).

على أن أكثر الدول الأوروبية نشاطًا تبشيريًا سياسيًا في سورية ولبنان خاصة كانت فرنسا، فرنسا التي كانت تطرد الرهبان من أرضها ثم تحتضنهم في الخارج ليحققوا لها شهواتها الاستعمارية (٨).

واعتقدت فرنسا أن اللغة هي التي توجه الثقافة، ولذلك أنفقت على مدارسها وعلى المدارس التي تعلم اللغة الفرنسية بسخاء (٩). ولم يضع اليسوعيون خاصة هذه الفرصة فوضعوا مدارسهم رهن الرعاية لفرنسا. لقد أخذوا على عاتقهم أن يحببوا الانتداب إلى


(١) cf. Islam and Missions ٢٢
(٢) Jessup ٧٥٦
(٣) ibid ٧٤٨
(٤) Irish Presbyterian Mission
(٥) Jessup ٢٦٧
(٦) Richter ٢٢٦ ; Jessup ٦٨٠ etc
(٧) Richter ٢٢٦ . f
(٨) ibid ٢٢٦
(٩) ibid ٢٥

<<  <   >  >>