للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في نظر المخلصين في هذا الوطن، أو أنه لم ينه هؤلاء عن الاستمرار في ضلالتهم. ثم إن هذا العتاب لم يؤد غايته الشكلية على الأقل، لأنه لم ينشر فيعرف!

هذه كلمة عتاب نسوقها إلى إخوان سيقولون لنا ما سيقولون، أو على الأصح قد قالوا لنا ما قالوه، ولكننا لا نشك في أنهم - إذا قرأوا هذا الكتاب - سيعودون إلى الإنصاف وسيدركون أن سوانا كان أحرى بوضع هذا الكتاب للرد على المفترين. ولكن لما لم يسد هذه الثغرة أحد ممن يجب عليهم أن يسدوها لم يبق ثمت مندوحة عن أن نتطوع نحن للقيام بهذا العمل.

من أجل ذلك كله أحببنا أن نجلو وجه الحقيقة فوضعنا هذا الكتاب: إنه من الخيانة أن نترك كياننا في مهب الخطر بسكوتنا عن مكمن هذ الخطر. إننا نعرف أن أسلاك هذا الخطر تمتد في خارج الوطن العربي من الأمثال أن العالم العربي والعالم الإسلامي قد أجمعا على إنقاذ فلسطين من براثن الصهيونية، ذلك الخطر المشرف على الشرق كله (١)، أما موضع العجب فهو أن المبشرين والذين يشايعون المبشرين عندنا ما زالوا يعملون على الانتصار لليهود كُرْهًا بِالعَرَبِ، مع أن خطر الصهيونية ليس خطرًا على العرب بل على غير العرب أيضًا، ولا هو خطر على الإسلام فحسب بل على النصرانية كذلك، ولا هو خطر على الشرق وحده بل على الغرب والشرق معًا.

وأخيرًا، إذا كان المبشرون وأتباع المبشرين قد وضعوا عشرات الألوف من الكتب وملأوها بالطعن على العرب وبالنيل من الإسلام، يستعملون التجني والمكابرة في ذلك، فإن من حق عَرَبِيَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنْ يَضَعَا كِتَابًا وَاحِدًا، وفي حدود العلم والأدب أيضًا، يدافعان به عن قومهما ودينهما في وجه المبشرين وصنائع المبشرين. وهؤلاء اليوم هم أنشط منهم في كل وقت آخر، بَلْ هُمْ قَدْ اِنْتَهَزَوا مِحْنَةَ فِلَسْطِينَ لِيَتَّخِذُوهَا سُلَّمًا إِلَى قَهْرِ العَرَبِ النَّصَارَى وَالمُسْلِمِينَ الذِينَ يَعْتَزُّونَ بِقَوْمِيَّتِهِمْ العَرَبِيَّةِ وَتَضَامُنِهِمْ الوَطَنِيِّ.

ونحب أن نقدم مثلين اثنين عن تأثر المؤسسات الغربية، التي تسمى إنسانية، بالعداوة التي تحملها للشرق.

إن العرب كلهم يخوضون اليوم حربًا ضد الصهيونيين، والحرب ضد الصهيونية


(١) هذا القسم كتب قبل حرب فلسطين، إذ كنا قد بدأنا تأليف هذا الكتاب في آب ١٩٤٤.

<<  <   >  >>