تحريم بيعهنَّ، ويحتمل أن يكون هو وغيرُه استدلُّوا ببعض ما ذكرنا وما لم نذكره مما يدل، فاجتمع هو وغيره على تحريم بيعهن، فالأَولى بنا متابعتهم فيما اجتمعوا عليه قبل وقوع الاختلاف، والله أعلم».
قلت: إثبات نصٍّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بمجرَّدِ الاحتمال لا يكون، ودعوى الإجماع على قول عُمر لا يصح، فإن جابرًا قد حكى ما يدلُّ على الإجماع -أيامَ أبي بكرٍ- على بيعهنَّ، وقد حكى عنه البيهقي الإجماع في زمان عُمر على خِلاف ذلك.
قال أبو عبد الله الشافعي فيما بلغه عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عَبيدة قال: قال عليٌّ: «استشارني عُمرُ في بيع أُمَّهات الأولاد، فرأيت أنا وهو أنها عَتيقةٌ، فقضى به عُمرُ حياته، وعُثمان بعدَه، فلما وليت رأيتُ أنها رقيقٌ».
ورواه أبو بكر بن أبي شيبة: عن أبي خالد الأحمر، عن إسماعيل بن أبي خالد: مثله، وقال:«خطب عليٌّ الناسَ فقال: .. » وذكره.
وكذا رواه سعيد بن منصور: عن أبي عوانة، عن مغيرة، عن الشعبي، عن عَبيدة قال:«خطب عليٌّ الناسَ … » فذكره.
وكذا رواه محمد بن سيرين: عن عَبيدة، وزاد: فقلت له: «رأيك ورأي عُمرَ في الجماعة أحبُّ إليَّ مِنْ رأيك وحدك في الفتنة».
فهذا يدلُّكَ على أن ما فَعَلَ عُمر لم يكن عن نصٍّ بلغه، وإنما فَعَلَهُ هو وغيره عن رأي.