للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنْ قيل: فانتهاءُ جابر يدلُّ على أنه ثَمَّ شيءٌ مرفوعٌ؟

فالجواب: لا يلزمُ ذلك؛ لأن أمير المؤمنين عُمر رضي الله عنه رأى في ذلك المصلحةَ، ولهذا قال لهم: «وقد وسَّعَ اللهُ» (١). وكان رحمه الله رَجُلًا مَهيبًا، ولهذا لمَّا نهاهم عن مُتَّعة الحجِّ؛ انتهوا (٢)، مع أنها ثابتةٌ بالكتاب والسُّنَّة. وله رضي الله عنه الاجتهادُ الحميد، والرأيُ السَّديد، ولم يكن معه في أُمَّهات الأولاد نصٌّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعًا؛ لِمَا تقدم (٣) من قول عليٍّ: «استشارني عُمرُ في أُمَّهاتِ الأولاد، فرأيتُ أنا وهو ألَّا يُبعْنَ»، ومن استجازة عليٍّ مخالفة ذلك الرأي، والله أعلم.

واحتجُّوا أيضًا بحديث عُمر رضي الله عنه في القَدَر؛ لما سأل جبريلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن أشراط الساعة؟ فقال: «أن تَلِد الأَمَةُ ربَّتَها» (٤).

قالوا: فإذا كانت مربوبة -وهي المملوكة- جاز بيعُها. والحديث في «الصحيح»، ومن رواية أبي هريرة أيضًا.

وأما الإجماع:

فحكاه أبو عُمر بن عبد البَرِّ عمَّن قال بهذا القول. وهو بعيدٌ جِدًّا؛ إذ


(١) تقدم تخريجه (ص ٥٠).
(٢) تقدم تخريجه (ص ٨٠).
(٣) (ص ٧٦).
(٤) أخرجه مسلم (٨)، وهو في البخاري (٥٠)، ومسلم (٩) من حديث أبي هريرة.

<<  <   >  >>