كي لا يهلك العرب من البرد، واتّجه نحو نيسابور، واستعاد بالحرب المدينة والقلعة.
ثم أرسل يزيد الجرشي إلى جام وباخرز ليفتح تلك الناحيتين، كما وفد إليه ملك نسا وأبيورد، ووافق على دفع مال الصلح والجزية.
وأرسل عبد الله بن خازم السّلميّ إلى سرخس، والأسود بن كلثوم العدويّ إلى ناحية بيهق- كما بين ذلك المعدانيّ في تاريخ مرو- إلا أن الأسود قتل في بيهق، فقاتل بعده نائبه، وكانت النهاية أن أهل بيهق صالحوا كما سيأتي «١» .
وقبل هذه الحوادث بعامين، كان ملك العجم يزدجرد بن شهريار، آخر ملوك العجم، قد وصل إلى بيهق، وخيم قرب القرية، فذهب إليه رئيس القرية، فخلع عليه يزدجرد خلعة.
وكان يزدجرد شابا جميل الصورة، أسمر اللون، مقرون الحاجبين، مجعد الشعر، حلو الشفة والأسنان، لطيف الحديث، ومهابا، وكل من رآه، داخلته منه هيبة، وكان من أعرق ملوك العجم.
[باب في ذكر هواء بيهق]
يقول الأطباء إنه كلما ارتفع المسكن، كان هواؤه ملائما، ونسيمه أشد طيبا، وتنشقه أسهل؛ وكلما كان المسكن منخفضا، كان هواؤه أكثر حرارة، وأبخرته كثيفة، والتنفس فيه غير مريح.
وكل مسكن يقع الجبل في جهة منه، والبحر في جهته الأخرى، يكون هواؤه رطبا، ويكثر فيه سقوط الأمطار.
[٢٧] وكلما كانت أرضه صلبة جافة، وجبله صخريا كان ضرره أقل؛ وإذا كان الجبل طينيا والأرض رخوة، كانت رطوبة ذلك الهواء أكثر ضررا.
فإن كان جو المدينة حارا، انتشرت فيها العفونة والأوبئة، خاصة إذا وقعت في