واختلاطها أصعب مع العناصر الأخرى، فالأرض التي يقال لها البر، تتقبل التأثيرات الناتجة عن اختلاط الماء والهواء لتصبح طينا، ووحلا، وملحا، وزاجا أبيض وأمثال هذا، ويتأثر الماء من مجاورته للأرض بحسب طبيعة التراب من حيث الملوحة والمرارة، ويأخذ الهواء كيفيته من الماء، حيث يتعفن الهواء في المكان الذي يكون ماؤه عفنا، فكل واحد منها يتأثر بالآخر، ويخرج من حد الاعتدال ليظهر فيه الضرر، إلا أن النار لا تقبل أمثال هذا الفعل والانفعال إلا قليلا، ولا يتغير أو يتبدل في أي مكان ضياؤها وإحراقها ولهيبها، وذكر الانفعال الذي يظهر فيها عند مجاورتها لأخواتها- التراب والماء والهواء- قليل إذا ما قسناه إلى ما يقع في العناصر تلك.
فالنار التي مادتها النفط الأسود والكبريت الخالص، وتلك التي مادتها الحطب، وتلك التي من حطب رطب، وما هي من الخشب الذي فيه مادة دهنية تتميّز عن بعضها، يوجد الإحراق والضياء فيها جميعا، والناس يعتدّون بخاصيتي الإحراق والإنارة، ولا يعيرون أهمية لتلك المواد.
[باب في اشتقاق لفظ بيهق وحدودها]
وفي ذلك عدة أقوال:
الأول: أنه بيهه، الذي كان أصله باللغة الفارسيّة بيهين، ويعني أن هذه الناحية من أحسن نواحي نيسابور.
الثاني: أنه بيهه، وهو مرتبط بكلمة القدم. أي أن مساحة هذه الناحية قاسوها بالأقدام.
وقال قوم آخرون: إن رجلا عاش في عصر الملك بهمن وكان يقال له بيهه، أقام قرية مقابل قرية آمن آباد، ولا يزال بالإمكان مشاهدة آثار تلك القرية وسورها، وإنها دعيت باسمه، كما دعيت حسين آباد باسم بانيها، وحارث آباد باسم الحارث، ومعاذ آباد باسم معاذ.