الإمام النادر ظهير الدين علي بن شاهك القصّاريّ «١»
ولد ونشأ في قصبة سبزوار، من البيوتات الصالحة، وقد فقد بصرة في عهد الصبا، ومع فقده البصر، بلغ الشأن في علوم القرآن والنحو ووجوه القراءات من المشهور والشواذ، ثم نبغ بعد ذلك في علوم الأدب واللغة والنحو وملحقاتها، ثم في علوم الفقه والمناظرة والأصول وأمثال ذلك، وقد حاز قصب السبق في علوم الحكمة والمعقولات، كما بلغ المدى في علوم الحساب والرياضيات من أقليدس والمجسطي، وكان من نوادر العالم وعجائب الدهر ممن لم يجد التاريخ والزمان بمثله، من حيث شرحه أشكال أقليدس والمجسطي، وعرف عنه تفهيمه تلاميذه بأوضح صورة، وأسهل طريق، وظل لسنين طويلة ينظم تقويم الكواكب في هذه الديار، حيث كانوا يملون عليه الحروف من الزيج، فيحفظها في مخيلته، ثم يستخرج منها حساب الأوساط والأوجات والمقومات والعروض وتسيير الكواكب [٢٤١] ، وكان تقويمه هذا يتنقّل في البلاد، فيستعين بذلك على معاشه، وبلغت مهارته حدا أن حذّاق المنجمين المبصرين كانوا يخطئون الحساب مع وجود الزيج بأيديهم واللوح قدّامهم، بينما لم يخطئ هذا الإمام الضرير، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
لولا عجائب صنع الله ما نبتت ... تلك الفضائل في لحم ولا عصب
الحكيم داود الطبيب «٢»
ولد في نيسابور، وكان يهوديا ثم رغب في الإسلام، ودعوه للإقامة في القصبة، وكان عالما بحساب النجوم وطبيبا حاذقا ومعالجا فريدا مع الحدس الصائب، فكأن علاجاته للمرضى تملى عليه من الإلهام الإلهي، وكانت له فراسة عظيمة تجعله يعرف