أقر السّلام على الأمير وقل له ... إنّ المقام على الهوان بلاء
أصل الغدوّ مع الرواح وإنما ... إذني وإذن الأبعدين سواء
[٨٦] إلا أن الأمير لم يستجب له، فأرسل إليه ثانية هذه الأبيات:
جفاني الأمير والمغيرة قد جفا ... فأما يزيد الخير فازورّ جانبه
وكلّهم قد نال شبعا لبطنه ... وشبع الفتى لؤم إذا جاع صاحبه
فيا عم مهلا واتخذني لنوبة ... تنوب فإنّ الدهر جمّ عجائبه
أنا السيف إلا أن للسيف نبوة ... ومثلي لا تنبو عليك مضاربه
فلمّا بلغت هذه الأبيات مسامع المهلب سرّ بها، وولاه ولاية مرو.
وحدث في الوقت الذي كان فيه سعيد بن عثمان بن عفان أميرا على خراسان، وكان المهلب معه في غزو تركستان، أن أصيبت عين المهلب بآفة، فأنشأ المهلب هذه الأبيات:
لئن ذهبت عيني فقد بقيت نفسي ... وفيها بحمد الله عن تلك ما ينسي
إذا جاء أمر الله أعيا حويلنا ... ولا بدّ أن تعمى العيون لدى الرمس
أوصى المهلب ابنه يزيد قائلا: استعقل الحاجب، واستظرف الكاتب، فإن حاجب الرجل وجهه، وكاتبه لسانه.
انتقل المهلب إلى الدار الآخرة في قرية زاغول في سنة اثنتين ومئة قال نهار بن توسعة في رثائه:
ألا ذهب الإقبال والعزّ والعلى ... ومات الندى والجود بعد المهلّب
وكان المغيرة بن المهلب قد توفي في حياة أبيه بمرو، وقد رثاه زياد الأعجم: