بسم الله الرحمن الرحيم بدأت صلتي بهذا الكتاب عندما شرعت بتعلم اللغة الفارسية التي لا غنىّ عنها هي والتركية لأي باحث في شؤون التاريخ والتراث الإسلامي بصورة عامّة لما فيهما من فوائد جمّة خاصة ما يتصل بكتب التاريخ والأدب والتراجم التي فقدت لدينا بفعل شتى العوامل وحفظت علينا هاتان اللغتان نصوصا منها، وهو ما يتجلى بوضوح في هذا الكتاب الذي أحببت أن أترجمه إلى لغة الضاد لما فيه من فوائد لتراثنا العربي لغة وأدبا وتاريخا. وأضرب لذلك مثلا: خلال ترجمة أبي الطيب طاهر بن أحمد البيهقي من كتاب تاريخ الإسلام للذهبي، ذكر محققه الفاضل الدكتور عمر عبد السلام تدمري بهامشه الملاحظة التالية:«لم أجد له مصدرا، ولعله من تاريخ بيهق أو تاريخ نيسابور اللذين لم يصلانا»(ص ٢٨٠، حوادث ٣٣١- ٣٥٠ هـ) . والحقيقة هي أن الرجل قد ترجم له في هذين الكتابين اللذين قد وصلانا. والذي أضاع خبرهما على هذا المحقق الفاضل هو كونهما باللغة الفارسية. ويمكن أن ندعو الكتب التي هي على شاكلة هذين التاريخين، التواريخ النائية التي نأت عنا لسببين: الأول كونها باللغة الفارسية أو التركية ونحن لا نعرف هاتين اللغتين، والثاني أنها حين تطبع تظل حبيسة حدود جغرافية معينة. بل إن بعض من كنت أحدثه عن ترجمتي لكتاب تاريخ بيهق كان يقول لي: لكن هذا الكتاب قد ترجم إلى العربية. فأقول له إنك تعني تاريخ البيهقي المخصص للحكام الغزنويين وهو لأبي الفضل البيهقي المتوفى سنة ٤٧٠ هـ أي قبل عشرين سنة من ولادة مؤلفنا أبي الحسن البيهقي.
ومؤلف كتاب تاريخ بيهق من أسرة عربية يرجع نسبها إلى الصحابي خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، وكتب مؤلفاته التي تربو على الثمانين بالعربية سوى ستة منها