ابن سلجوق، مثال بحقه إلى وزير دار الخلافة، وهو الشيخ الرئيس الزّكيّ عبد الملك ابن محمد بن يوسف وزير القائم بأمر الله- ولم يكن لقب «وزير الخليفة» موجودا قبل هذا- ومضمون المثال هو:
كتابنا- أطال الله بقاء الشيخ الرئيس الزّكيّ وأدام عزه- من الري، ونعم الله تعالى عندنا جديدة، والحمد لله رب العالمين، والصلاة على محمد وآله الأخيار المنتجبين، هذا وقد عرف الشيخ الزّكيّ صدق اهتمامنا بأحوال العلماء حتى تستمر على النظام، وشدة اعتنائنا بأمورهم لتجري على انتفاء الخلل وحصول المرام؛ وهذا الحاكم أبو علي بن أبي سليمان «١» أدام الله فضله، ممن له البيت القديم [١٠٣] والمحتد الصميم؛ ورد بابنا زائرا داعيا مجددا للعهد على جناح النهج، مستطلعا رأينا في زيارة بيت الله الحرام والحج؛ فقبلنا أدعيته، وأمضينا عزيمته؛ وأوجبنا على من يجتاز به ويحل بجانبه، أن يوطئ له كنفا وسيعا، وينزله منزلا مباركا مريعا؛ ويعينه بإنعام عليه، وخفير إن احتاج إليه؛ والشيخ الزّكيّ أولى من يبذل في حقه عنايته، ويكتسب بسعيه الجميل شكره ومدحته؛ مكتسبا لإحمادنا اللطيف، وارتضائنا المنيف، إن شاء الله تعالى. وكتب بالمثال ورسالة الحاجب الخاص أبي منصور ساوتكين في أواخر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وأربع مئة.
وكانت ولادة الحاكم الإمام أبي علي ليلة الجمعة السابع والعشرين من شوال سنة تسع وتسعين وثلاث مئة، ووفاته في سنة ثمانين وأربع مئة، ولم يهدأ حتى ولا يوما واحدا طيلة أعوامه الواحد والثمانين- إلا في أيام المرض- عن المطالعة والمذاكرة والرياضة، وكان مشغولا بالطاعة والعبادة؛ وقد وقعت له مصاهرة مع الإمام الذي كان الفقيه الرئيس أبو عبد الله محمد بن يحيى قد دعاه من نيسابور إلى بيهق، وأقام هناك مكرما، وهو الإمام شرف الصالحين أبو القاسم عبد العزيز بن الإمام يوسف بن