أرسلان «١» في قصبة سبزوار بشكل أثار العجب، وكان رجلا تقيا قضى عمره بالمروءة، وأنجب أربعة أبناء هم: أبو القاسم وعلي ومحمد وأبو الفضل، وجوههم مزهرة محبوبة كأنّ جمال العصر من جمالهم، وبهجة الخواطر من رواء مناظرهم.
ذهب يوما مع أبنائه للعميد صفي الدين تاج الرؤساء أبي سعد الفضل بن علي المزينانيّ «٢» - وكان العميد أبو هذا رجلا عاقلا فاضلا؛ وهو وإن لم يكن من أصحاب البيوتات إلا أنه كان صاحب دولة وأمينا للسلاطين- فسأل [١١٤] هذا العميد الأبناء ليعرف ما إذا كانوا يجيدون صناعة ما، فوجدهم صورا بلا معنى، قنعوا من دنياهم بمجرد النسب والنعمة؛ فقال العميد أبو سعد: إن هذا البيت لن يدوم، فالمال غاد ورائح، ولن يحفظ مال الدنيا بغير معرفة، ولا يكفي النسب لوحده، وهكذا كان، فقد انتقل بعضهم إلى الدار الآخرة وهو لما يزل شابا، وابتلي بعضهم بالعوز والفقر، ولم يبق منهم اليوم إلا قليل:
لم يبق منهم ومن أموالهم أثر ... والدهر كالسيل لا يبقي ولا يذر
ومن رسائل الشيخ الفقيه أميرك أبي زيد أحمد بن علي بن إسماعيل البروقنيّ، تلك التي كتبها إلى الأمير نصر بن ناصر الدين «٣» أخي السلطان محمود بن سبكتكين:
كتبت- أدام الله جلالة مولانا الأمير العالم صاحب الجيش- وحالي بما لا أزال أتعرفه من فضل حسن آرائه، وأتجمل به من لباس عز ولائه؛ أحسن الأحوال،