يرى بأن شكره للمواهب الإلهية منوط بما يستحصل من العلوم بنشرها وتدوينها وتصنيفها، وأن لا يدع للعتاب والملامة إليه سبيلا:
كل امرئ أسدى إليك صنيعة ... من علمه فكأنّها من ماله «٣»
ومن اللائق بعد كل تلك الأيام والأعوام المتتالية، مفرقة الأحباب، ما حقة صفات المعروف والكرم والعلوم والآداب، أن تبسّم فم المرام، وراجت بضاعة العلم بعد كسادها، وظهر الطمع في فتح باب العلوم بمفاتيح الهمّة القعساء:
كل نهر فيه ماء قد جرى ... فإليه الماء يوما سيعود
وهذا المصنّف هو دال على الخير والعلم، لأنه بتحمل السابقين للصعاب، بلغ اللاحقون المرتبة العليا:
فلولا الشمس ما لمع الثّريّا ... ولولا الأصل ما زكت الفروع
ولهذا السبب ثبتت أفضال المتقدم على المتأخر:
فلو قبل مبكاها بكيت صبابة ... إذا لشفيت النفس قبل التندّم
ولكن بكت قبلي فهيّج لي البكا ... بكاها، فقلت: الفضل للمتقدم «٥»
وإذا امرؤ أسدى إليك صنيعة ... من جاهه.............