ثم إن الملوك عند ما يتدبرون التواريخ أو [١٦] تبلغ مسامعهم، يرغبون في مكارم الأخلاق والعدل والرأفة وما فيه دوام الملك، ويجتنبون ما هو سبب في البلاء والضرر وزوال الملك:
والنفس راغبة إذا رغّبتها ... وإذا ترد إلى قليل تقنع «٢»
ونخص بذلك الأمير أو الملك ذا الهمة العالية، الذي تقتضي همته أن يزيد في تفحص فضائل الملوك الماضين، وتحصل لديه الغبطة والمنافسة كما هو حاصل بين الأقران:
هي النفس ما حسّنته فمحسّن ... إليها، وما قبّحته فمقبّح «٣»
فصل: إذا عرضت لأحدهم شبهة أن بعض التواريخ موضوعات ومفتريات وأساطير الأولين، وأن التمييز فيها عسير، لا متزاج الصدق بالكذب، واختلاط الغث بالسمين، والصواب بالخطإ، فالجواب على ذلك هو أنه لا ينبغي لنا أن نأخذ بعين التحقير والتصغير وقلة المبالاة أي شيء يمكن أن ننتفع به منه- من التاريخ- و «كل ما سد جهلا فهو محمود»«٤» ، فالحكايات التي وضعت على ألسن الحيوانات في كليلة