٥ وبعد، فهذان هما ثبتا «المحبر» و «المنمق» ، يسردان لنا الموضوعات سردا، وها نحن أولاء نرى أن الاتفاق بينهما في هذا القدر القليل الّذي أشرت إليه والّذي لا يعدو صفحات، وأن ما بعد هذا فالأبواب مختلفة وأنه ليس ثمة اتفاق بينهما.
ونحن بعد هذا نملك ثبت المعارف، وهو قريب هنا بين يدينا، وإن نظرة شاملة في هذه الأثبات الثلاثة تقفنا على مناهج هذه الكتب:«المحبر» و «المنمق» والمعارف، وتكشف لنا عما فيها، وتعطينا البرهان القاطع والحجة البينة.
فالمحبر والمعارف كما ترى موسوعتان تاريخيتان تمضيان كما تمضى الموسوعات التاريخية في تسلسل واتساق معين، من أجل هذا جاء هذا الشك في صلة الكتابين- أعنى المحبر والمعارف- وأن ثانيهما أخذ من أولهما، ولكن كتاب المنمق يتناول جزئية من جزئيات الكتابين، وهو يتناولها في تفصيل كثير، لأنه فرغ لها. من أجل هذا جاء هذا الاتفاق بينه وبين المحبر وبينه وبين المعارف في هذه الجزئية وحدها، لم يشاركهما في غيرها، فما عرض حول هذه الجزئية في «المحبر» لا شك جاء مفصلا في «المنمق» ، إذ أن الموضوع الّذي أفرد له «ابن حبيب» كتابه «المنمق» كان غرضا مقصودا بعينه، فاحتاج إلى هذا التفصيل، ولم يكن كذلك في كتاب «المحبر» لهذا أوجز، ومن أجل هذا الاتفاق الّذي لم يكن يعرف مداه أثير هذا الشك عن صلة كتاب المعارف بكتاب المنمق، بعد أن أثير مثله عن كتاب المحبر، غير أن هذه الصلة الثانية كنا نملك أدله الموازنة فيها وأسباب الحكم، وكانت الصلة الأولى ظنّا عامّا قبل أن يعثر على نسخة من المنمق، ثم كانت ظنّا خاصّا حين عثر على نسخة من هذا الكتاب وحين قدمها لنا الأستاذ «حميد الله» في كلمة الختام التي ختم بها عمله في كتاب المحبر، ثم كانت كلمة فاصلة حين ملكنا كتاب المنمق واستوعبنا ما فيه.
ولقد بدا واضحا أن الاتفاق بين الكتابين ليس كبيرا، كما أوحت بذلك كلمة