وتثور الرّاونديّة «١» بأبي جعفر المنصور في مدينته «الهاشمية» فيكره سُكناها- وإلى جانب «الهاشمية» : «الكوفة» - وهو لا يأمن أهلها على نفسه، فيخرج يرتاد له موضعا يتخذه مقاما له ولجنده، فينحدر إلى «جرجرايا» ، ثم يصير إلى «بغداد» ويتركها ويمضى إلى «الموصل» ثم يعود إليها ثانية «٢» .
ويسأل «أبو جعفر» عن اسمها فيخبر به، فيقول: هذه والله المدينة التي أعلمنى بها أبى «محمد بن عليّ» أنّى أبنيها وأنزلها وينزلها ولدى من بعدي «٣» .
وقيل إن متطببا نصرانيّا «بالمدائن» هو الّذي أنهى إلى «المنصور» - وقد علم السبب في خروجه- أن رجلا يدعى مقلاصا، «٤» يبنى مدينة بين «دجلة» و «الصّراة» ، فيقول المنصور: إني والله كنت أدعى مقلاصا وأنا صبىّ، ثم زال عنى «٥» .
ويقال: إن أبا جعفر لما عاد إليها من الموصل قال: هذا موضع معسكر صالح، هذه «دجلة» ، ليس بيننا وبين «الصين» شيء، يأتينا فيها كل ما في البحر، تأتينا الميرة من الجزيرة وأرمينية وما حول ذلك. وهذا «الفرات» ، يجيء فيه كل شيء من الشام والرّقة وما حول ذلك. فنزل وضرب عسكره على الصراة واختط المدينة «٦» .
وفرغ أبو جعفر المنصور من بنائها سنة ١٤٦ من الهجرة، ونزلها مع جنده وسماها: مدينة السلام «٧» .