للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم جاء الكوفيون من بعدهم فقلدوهم في شيء وخالفوهم في شيء، وقامت المناظرة بين البلدين، وصار لكل منهما مذهب.

وعلى الرغم من تقدم مدرسة البصرة وسبقها، فقد ظهرت عليها مدرسة الكوفة، وذلك لمناصرة خلفاء بغداد لهم، وتفضيل أساتذة هذه المدرسة الكوفية على أساتذة تلك المدرسة البصرية، فلقد اختار هؤلاء الخلفاء لأولادهم: الكسائي، والفراء، والمفضل الضبيّ، والشرقي بن القطامي وكلهم من المدرسة الكوفية.

ولقد رأينا المأمون يتحامل على سيبويه في المناظرة التي عقدها بينه وبين الكسائي «١» .

هذا إلى أنه لما عمرت «بغداد» توافد الناس إليها من كل حدب وصوب، فريق يطلب الكسب، وفريق تستهويه الحياة العلمية والفكرية، وفريق يطلب حياة الترف فإذا «بغداد» معترك يشارك فيه إلى جانب العربيّ: الفارسي، والرومي، والنّبطى، والتركي، والصيني، والهندي، والبربري، والزنجي. وفيهم:

المسلم، والنصراني، واليهودي، والصابئي، والسامري، والمجوسي، والبوذى، وغيرهم.

وهؤلاء لا شك قد حملوا إلى «بغداد» ألوانا من الفكر والثقافة، سرعان ما انتفعت بها «بغداد» وأثرت فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>