ياقوت في كتابه «إرشاد الأريب» ، وهو يترجم لابن حبيب نقلا عن ابن النديم، أن له كتاب الأمثال على «أفعل» ، ويسمى: المنمق.
وهكذا نرى ياقوت قد جعل كتاب «المنمق» في الأمثال التي على «أفعل» ، ثم نراه بعد هذا يعزو هذا الّذي ذكره إلى ابن النديم. والغريب أن ابن النديم لم يذكر هذا أو قريبا منه، فهو يقول في كتابه «الفهرست» ، وهو يذكر كتب ابن حبيب التي بلغت على عدّه خمسة وثلاثين كتابا، وله- يعنى ابن حبيب- من الكتب كتاب الأمثال على «أفعل» . ولم تجئ في الكتاب- أعنى الفهرست- تلك الزيادة التي زادها ابن حبيب عنه من تسمية ذاك الكتاب باسم «المنمق» ، وما ندري أذلك من السقط الّذي منى به كتاب الفهرست، أم هي سقطة من سقطات ياقوت.
ثم نقع في كتاب «التكملة» للصغانى، وفي ذلك التذييل الّذي ذيل به كتابه والّذي يذكر فيه الصغاني الكتب التي رجع إليها وأفاد منها، والتي قاربت الألف فيما يقول، فنجده قد ذكر من بينها لابن حبيب تسعة كتب منها «المنمق» .
واصطفاء الصغاني لكتاب «المنمق» وجعله من مراجعة في معجمه اللغوي يلفتنا إلى أن الكتاب- أعنى المنمق- فيه شيء من مادة معينة كالشعر الاستشهادى أو أسماء القبائل والأعلام، وهذا وذاك لا شك مما كانت لابن حبيب فيه جولات، غير أن هذا الحكم لم يكن سوى ظن، ولم يكن الظن ليلقى ضوءا يجلو ما في كتاب «المنمق» وإن كان يحدد موضوع الكتاب تحديدا يقرّبنا من موضوعة شيئا.
وهكذا لم يكن لي كما يرى القارئ غير ما ساقه الأستاذ «محمد حميد الله» عن كتاب «المنمق» ، لا سيما وهو يحدث عن معاينة، وغير تلك الاستنباطات التي استقيتها من تلك المراجع القليلة.
فهو يقول في كلمة الختام (المحبر ٥٠٤) : «وكتاب المنمق هذا كتاب في نفس موضوع كتاب المحبر» .
ثم يقول في (ص ٥١١) وهو يتكلم عن كتاب المحبر: «وأنا أظن أنه ألفه بعد كتابه المنمق، وموضوعهما واحد وفصول عديدة منهما مشتركة اللفظ والمعنى» .